المفتي: الرسول جاء إلي الكون لينشر الحب

المفتي: الرسول جاء إلي الكون لينشر الحب
أحبه المؤمن والكافر .. والاحياء والجمادات
يجب ان يكون الحب عنواناً عريضاً لحياتنا وكافة التصرفات التي تسود معاملاتنا اليومية لنصل به إلي منهجية شاملة تقضي علي كافة المخالفات الاخلاقية المؤدية إلي التنابذ والتشاحن لتمتلأ أروقة المحاكم والأقسام بالقضايا النابعة من عدم الحب.
المفاجأة أننا عند البحث عن الحب في حياتنا وجدناه غائباً رغم انه كان السمة المميزة لحياة الرسول وصحابته فنجحوا فيما فشلنا فيه وبالتالي يجب محاكمة الحب الذي ندعيه في حياتنا.
هذا ما أكده د. علي جمعة مفتي الجمهورية في المحاضرة التي ألقاها بمسجد النور بالعباسية في ندوة جماهيرية موضحاً أن هناك مائة آية في القرآن تحدثت عن الحب و50 حديثاً في السنة النبوية وعلي الرغم من هذا انتفي الحب بمعناه الحقيقي المشتمل علي الرحمة والتعاون والاخلاص والصدق والذي جعله الرسول شرطاً لدخول الجنة بأن يحب كل شخص لأخيه ما يحب لنفسه وبدلا من ذلك كانت القطيعة بين الأقارب والجيران والأصدقاء حطي وصلنا لمرحلة الخصام مع النفس وبالتالي أصبح الغش بديلا والكذب أساساً ويضحك البعض في وجه الآخر وقلبه يلعنه وتحلل المجتمع من الروابط التي جاء بتا الإسلام لتقوية بنائه الداخلي.
الحب في حياته
استعرض فضيلة المفتي في كلمته الحب في حياة النبي صلي الله عليه وسلم مشدداً علي أهمية وضع نظارة من الحب علي أعين الراغبين في مطالعة سيرته الشريفة وبدون ذلك فسوف نجد لغطا في تأويلات بعض الأحداث فالرسول قد أحب الكون شاملاً وأحب الحياة حطي أحبه المؤمن والكافر علي السواء فأبوسفيان بن حرب حال شركه أتي به العباس بن عبدا لمطلب لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال له الرسول ويحك يا أبا سفيان ألم تعلم بأني رسول الله. فقال فأبوسفيان: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك. أما هذه يقصد الاعتراف بأنه رسول الله والإيمان به - ففي النفس منها شيء. حطي أبولهب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم أحب رسول الله واعتق جاريته ثويبة ومكافأه لها علي إخبارها له بمولد النبي ومن شدة حبه للرسول صلي الله عليه وسلم انه صمم علي زواج ابنيه من ابنتي رسول الله.
ذات الحب وجده الرسول مع الوليد بن المغيرة الذي كان من كبار مشرك قريش وذهب لرسول الله حطي يزجره عن الدعوة لدينه وبينما هو بالباب سمع الرسول يتلو قوله تعالي: "ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي ألقربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" فعاد إلي منتدى قريش قائلاً له: لقد سمعت من محمد كلاما ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أسفله لمثمر وان أعلاه لمغدق وانه يعلو ولا يعلي عليه وما هو من قول البشر.
وقال: ان عبدا لله بن أريقت دليل رسول الله في الهجرة ومعه صاحبه أببوكر الصديق فقد عاش ابن اريقط كافراً ومات كافراً ورغم هذا لم تساوره نفسه ان يوذي الرسول بتسليمه لقريش واخذ الجائزة التي رصدوها وقدرت بمائة من الأبل وكانت تلك الرحلة فيها مخاطرة بحياته إلا انه لشدة حبه رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل ولم يرفض.
أم معبد والشاة
نفس الحب أوضحه المفتي في معاملة أم معبد المرأة التي مر بتا رسول الله صلي الله عليه وسلم في هجرته وهي تقيم في خيمة بعيداً عن العمران ولديها شاة جفاء فسألها الرسول عن طعام فقالت له: ليس عندنا سوي تلك الشاة التي تري من شأنها ما تري فاستأذنها الرسول لحلبها فقالت له أم معبد: ما هي لذاك. فمسح رسول الله صلي الله عليه وسلم ضرعها حطي نزل منه اللبن فشرب الرسول وصاحبه وترك إناء مملوءا باللبن ليجده أبمعبد عند عودته إلي البيت فيسأل زوجته فتحدثه بأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم فيقول لها صفيه لي فتصفه وصفا لم يقل به سوي اثنين هي وهند بن هالة ابن السيدة خديجة زوج رسول الله صلي الله عليه وسلم ربيبه في بيتها ومما ذكرت أم معبد في وصفه انه رجل ظاهر الوضاءة. حسن الخلق. مليح الوجه. لم تعبه شجلة. ولم تزر به صعلة. قسيم وسيم. في عينيه دعج. وفي اشفاره وطف. وفي صوته صحل. أحور أكحل. أزج. أقرن. في عنقه سطع. وفي لحيته كثاثة. إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء. حلو المنطق. فصل لا نزر ولا هذر. كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن. أبهي الناس وأجمله من بعيد. وأحلاه وأحسنه من قريب. ربعة لا تشنؤه عين من حلول ولا تقتحمه عين من قصر. غصن بين غصنين. فهو انضر الثلاثة منظرا. واحسنهم قدا. له رفقاء يحفون به ان قال استمعوا لقوله. وان أمر تبادروا إلي أمره. محفود محشود. لا عابس ولا مفند. فقال أبمعبد: هذا والله صاحب قريش الذي تطلب ولو صادفته لالتمست أن أصحبه ولأجهدن ان وجدت إلي ذلك سبيلا.
الحيوانات والجمادات
أوضح فضيلة المفتي ان حب رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يقف عند الانسان بل ان الحيوانات أحبت رسول الله فقد روي البخاري عن عبدا لله بن جعفر أنه اردفه رسول الله ذات يوم وأسر إليه بحديث لم يحدث به أحدا من الناس ثم دخل الرسول حائطاً "بستانا" لرجل من الأنصار فإذا جمل رأي النبي صلي الله عليه وسلم فذرفت عيناه فاتاه النبي فمسح زفراه أي خلف أذنيه لتهدئته فسكت فقال النبي من رب هذا الجمل فجاء الأنصاري فقال أنا يا رسول الله فقال له الرسول. أملا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فقد شكا لي انك تجوعه وتحمله فوق طاقته. بل نص الرسول علي مصير امرأة النار بأنها في النار بناء علي إيذائها قطة لم تطعمها أتتركها تأكل من خشاش الأرض. وفي الجانب المقابل كانت الجنة جزاء رجل سقي كلب يلهث من العطش.
أضاف د. جمعة: ان الجماد أحب رسول الله فكان يوصي أصحابه بجبل أحد خيرا قائلاً: أحد جبل يحبنا ونحبه وكان يشير لهم إلي حجر بمكة ويقول لهم هذا الحجر كان يسلم علي قبل البعثة وكان الحصي يسبح بين يديه. ونهي عن قطع الاشجار وقال: من قطع شجرة في فلاة يستظل بتا ابن السبيل والبهائم بغير حق. صوب الله رأسه في النار. وقال: ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له به صدقة وما سرق منه وما أكل السبع منه وما أكلت الطير إلا كان له صدقة.